رفعت امرأة زوجها إلى القاضي تبغي الفرقة , وزعمت أنه يبول في الفراش كل ليلة فقال الرجل للقاضي :يا سيدي لا تعجل علي حتى أقص عليك قصتي .. إني أرى في المنام كأني في جزيرة في البحر ,وفيها قصر عال , وفوق القصر قبة عالية , وفوق القبة جملٌ , وأنا على ظهر الجمل يطأطئ برأسه ليشرب من البحر فإذا رأيت ذلك بلت من شدة الخوف . فلما سمع القاضي ذلك بال في فراشه وثيابه وقال : يا هذه أنا قد أخذني البول من هول حديثه فكيف من يرى الأمر عيانا .
تحاكم الرشيد وزبيدة (زوجة الرشيد) إلى أبي يوسف القاضي في الفالوذج واللوزينج (نوعان من الحلوى) أيهما أطيب فقال أبو يوسف أنا لا أحكم على غائب فأمر الرشيد باحضارهما وقدما بين يدي أبي يوسف فجعل يأكل من هذا مرة ومن هذا مرة حتى نصف الجامين ثم قال يا أمير المؤمنين ما رأيت أعدل منهما كلما أردت أن أحكم لأحدهما أتى الآخر بحجته .
ادعى رجل عند قاض على امرأة حسناء بدين فجعل القاضي يميل إليها بالحكم فقال الرجل أصلح الله القاضي حجتي أوضح من هذا النهار فقال له القاضي اسكت يا عدو الله فإن الشمس أوضح من النهار قم لا حق لك عليها فقالت المرأة جزاك الله عن ضعفي خيرا فقد قويته فقال الرجل لا جزاك الله عن قوتي خيرا فقد أوهيتها .
حكي أن تاجرا عبر إلى حمص فسمع مؤذنا يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن أهل حمص يشهدون أن محمدا رسول الله فقال والله لأمضين إلى الإمام وأسأله فجاء إليه فرآه قد أقام الصلاة وهو يصلي على رجل ورجله الأخرى ملوثة بالعذرة فمضى إلى المحتسب ليخبره بهذا الخبر فسأل عنه فقيل إنه في الجامع يبيع الخمر فمضى إليه فوجده جالسا وفي حجره مصحف وبين يديه باطية مملؤة خمرا وهو يحلف للناس بحق المصحف أن الخمرة صرف ليس فيها ماء وقد ازدحمت الناس عليه وهو يبيع فقال والله لأمضين إلى القاضي وأخبره فجاء إلى القاضي فدفع الباب فانفتح فوجد القاضي نائما على بطنه وعلى ظهره غلام يفعل فيه الفاحشة فقال التاجر قلب الله حمص فقال القاضي لم تقول هذا فأخبره بجميع ما رأى فقال يا جاهل أما المؤذن فإن مؤذننا مرض فاستأجرنا يهوديا صيتا يؤذن مكانه فهو يقول ما سمعت وأما الإمام فإنهم لما أقاموا الصلاة خرج مسرعا فتلوثت رجله بالعذرة وضاق الوقت فأخرجها من الصلاة واعتمد على رجله الأخرى ولما فرغ غسلها وأما المحتسب فإن ذلك الجامع ليس له وقف إلا كرم وعنبه ما يؤكل فهو يعصره خمرا ويبيعه ويصرف ثمنه في مصالح الجامع وأما الغلام الذي رأيته فإن أباه مات وخلف مالا كثيرا وهو تحت الحجر وقد كبر وجاء جماعة شهدوا عندي أنه بلغ فأنا أمتحنه فخرج التاجر ن البلد وحلف أنه لا يعود إليها أبدا .
دخل رجل على ابن شبرمة القاضي ليشهد في قضية. فقال له ابن شبرمة: لا أقبل شهادتك. قال: ولِمَ؟ قال: بلغني أن جاريةً غَنّت في مجلسٍ كنتَ فيه، فقلتَ لها: أحسنتِ! قال الرجل: قلتُ لها ذلك حين ابتدأت أو حين سكتتْ؟ قال: حين سكتت. قال: إنما استحسنتُ سكوتَها أيها القاضي. فَقبِلَ شهادته.
(من كتاب “الكشكول” لبهاء الدين العاملي).
كان جمال الدين بن العديم، قاضي حلب، عاقلاً عادلاً خبيراً بالأحكام. حدث أن ادّعى عنده مدّع على آخر بمبلغ. فلما أنكر المدّعى عليه، أخرج المدّعي وثيقة فيها إقرار “منصور بن أبي جرادة بتسلم المبلغ”. فأنكر المدعى عليه أن الاسم المذكور في الوثيقة (أبا جرادة) اسم أبيه. قال له القاضي ابن العديم: فما اسمك أنت؟ قال: منصور. قال: واسم أبيك؟ قال: هبة الله. فسكت عنه القاضي، وتشاغل بالحديث مع من كان عنده حتى طال ذلك، وكان جليسه يقرأ عليه في صحيح البخاري. ثم إذا بالقاضي يصيح فجأة: يا بن أبي جرادة! فأجابه المدّعى عليه مبادراً: مولاي! فقال له: ادفع لغريمك حقَّه. ”
من كتاب الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة” لابن حجر العسقلاني.
قدّم رجل ابنًا له إلى القاضي فقال: أصلح الله القاضي، إن هذا ابني يشرب الخمر ولا يصلي. فقال له القاضي: ما تقول يا غلام فيما حكاه أبوك عنك؟ قال: يقول غير الصحيح. إني أصلي ولا أشرب الخمر. فقال أبوه: أصلح الله القاضي، أتكون صلاة بلا تلاوة؟ فقال القاضي: يا غلام، تقرأ شيئًا من القرآن؟ قال: نعم، وأجيد القراءة. قال: اقرأ! فقال: بسم الله الرحمن الرحيم، علق القلبُ ربابًا بعدما شابت وشابا إنّ دين الله حق لا أرى فيه ارتيابا! قال أبوه: والله أيها القاضي ما تعلم هاتين الآيتين إلا البارحة، لأنه سرق مصحفًا من بعض جيراننا! فقال القاضي: قبّحكما الله! تقرآن كتاب الله ولا تعملان به!
من كتاب”المستطرف” للإبشيهي.